الاسرار الاربعة لفهم جيل الالفية!

جيل الالفية او ما يُسمون بالـ(millennials) كما يعتقد الكاتب والمتحدث Simon Sinek هم ابناء الجيل الذي ولد تقريباً بعد العام 1984. ابناء هذا الجيل متهمون من وجهة نظره بكونهم جيل متطلب تصعب إدارته، يرى دائماً انه يستحق الافضل، ويحتاج إلى معاملة خاصة. خصائص هذا الجيل انه جيل كسول، يفتقد للتركيز، ويتمتع بنرجسية عالية.

بسبب كل ذلك فأنهم دائماً ما يربكون مدراءهم في العمل فنجد ان المدراء يقومون بسؤال ابناء هذ الجيل عن ماذا يريدون بالضبط؟

الإجابه تكون عادتاً من ابناء جيل الالفية انهم يريدون العمل في مكان يحمل “رؤيه”، يحتوي على طعام مجاني!، و been bags كما يحصل في شركات التقنية الكبرى كقوقل.

وحتى ولو تم توفير كل ذلك فأنهم يضلون غير سعيدين حيال وضعهم الوظيفي، حيث ان هناك جزء مفقود في ابناء هذا الجيل!

في هذه التدوينه نخوض في الاسرار الاربعة التي يراها الكاتب اسباب في حال جيل الالفية اليوم،

 ونتناولها كمايلي:

1- التربية

ينشأ الكثير من ابناء جيل الالفيه تحت وطأة استراتيجيات خاطئة في التربية، حيث انهم ولسبب ما قيل لهم في طفولتهم من قبل اهاليهم انهم مميزون. ليس هذا وحسب، بل ان كثير من الاباء والامهات عودوا اطفالهم بإعطائهم مايريدون ..فقط لمجرد انهم ارادوه!

البعض منهم تفوق دراسياً ليس لكفائتهم ولكن لأن ابائهم اشتكوا! والبعض الآخر حصل على درجة امتياز ليس لأنهم عملوا بجد من اجل ذلك، ولكن لأن معلميهم لم يرغبوا في ان يتعاملوا مع الاباء!

وهناك آخرون يحصلون في بعض المحافل على ما يسمى بـ “ميداليات المشاركه”، وهي تلك الميداليات التي يحصلون عليها لفشلهم وعدم حصولهم على ميداليات حقيقية كالذهبيه او الفضيه!، الامر الذي من شأنه ان يشعرهم بالإحراج بدلاً من الرضا،  بل وانهم في معظم الحالات يشعرون بشكل اسوأ من ذي قبل! كل هذا يحدث بسبب ادراكهم بأنهم خالفوا ما هو متعارف عليه وان لكل مجتهد نصيب!

ما يحدث بعد ذلك ان هذا الجيل يذهب للجامعة وبعد ان يتخرجوا ويبدأون مسيرتهم العملية يكتشفون انهم ليسوا مميزين كما تصوروا، امهاتهم لا يستطعن الحصول لهم على ترقيه، وليس مجرد الرغبة في الترقية يجلبها لهم للأسف! مما يتسبب في خدش كبير في تصورهم عن أنفسهم ويضعف ثقتهم!

2-التقنية

نحن نعيش اليوم في عالم شبكات التواصل الاجتماعي كأنستقرام وفيس بوك وغيرهما، الامر الذي يعني اننا ممتازون جداً في وضع الفلاتر على حياتنا. نحن محترفون في اقناع الآخرون بأن حياتنا رائعة جداً حتى ولو كنا نعيش حالة من الاكتئاب! في جيل الألفية، الكل يتظاهر بأنه قوي وانه قد عرف طريقه في الحياة، بل وتجد ان البعض يقومون بنصح من هم أصغر منهم حيال ما يجب عليهم فعله. وفي الواقع، قليل منهم القوي والغالبية العظمى لايزالون يتخبطون حيال ما يريدونه في حياتهم!

(في دراسة اجريت عام 2012 قام بها فريق بحثي من جامعة هارفرد اكدت ان تحدث الشخص عن نفسه من خلال شبكات التواصل يساعد في افراز الدوبامين الذي يولد نشوه وسعادة في الدماغ مشابه للشعور الذي يأتي عادة من المال، الطعام، والجنس!) وبالتالي فأنه قابل للإدمان بسهوله.

بل ان الموضوع بالنسبة للبعض يتجاوز هذا الحد، فيصل إلى قلقهم عندما لا يحصلون على عدد كافي من “اللايكات” ويبدأون في التساؤل عن سر ذلك وعن فيما إذا كانو قد فعلوا شي خاطئ جعل الآخرين لم يضلوا يحبونهم كما في السابق!! في نفس الوقت، يشعرون بسعادة غامرة عند تلقي رسالة نصيه من احد ما على هواتفهم او “تاق” على شبكة الفيس بوك!

المشكلة الأخرى حيال هذه الظاهرة ان بعض العادات التي تساعد في افراز مادة الدوبامين مثل المقامرة، التدخين، وتناول المشروبات الكحولية، هي عادات تستطيع بسهولة الإدمان عليها، وعادتاً هذه الأشياء ان لم تكن محرمة فلها سن قانوني في معظم الدول. بينما نجد ان ادمان شبكات التواصل لا يحظى بأي مراقبه تماماً!

القضية الأكبر في كل هذا ان كثير من الناس لا يؤمنون ان اضرار الإدمان على المقامرة، التدخين، وتناول المشروبات الكحولية ليس ببعيد عن ادمان شبكات التواصل وخصوصاً في سن المراهقة. فالمدمن على الكحول عادتاً ما يتوجه للشرب عند مواجهة أي مشكلة مالية او اجتماعية. وعلى نفس الغرار، نجد ان جيل الالفية المراهق بشكل خاص يبدأ بالتوجه إلى شبكات التواصل الاجتماعي للهرب من واقعه.

( في مقال نشر في مجلة علم النفس الاجتماعي والسريري لعام 2014 أكد ان الأشخاص الذين يقضون وقت أطول على شبكة الفيس بوك يعانون من حالات اكتئاب اعلى من أولئك الذي يقضون وقت اقل على نفس الشبكة.)

الامر الخطير هنا ان هذا عادتاً يحصل في سن المراهقة وهو سن تكوين الصداقات، فنجد ان أبناء جيل الألفية لا يملكون صداقات يمكن الاعتماد عليها، نعم، قد يكون لديهم عدد من الأصدقاء الذين يمرحون معهم، ولكنها صداقات سطحية تذهب مع اول فرصه أفضل يحصل عليها اصدقائهم، وهذا عائد إلى حقيقة انهم لا يعرفون كيفية عقد صداقات عميقه وذات معنى!

الآن لابد ان يكون التساؤل هو لماذا استخدام الجوال بكثرة بالإضافة إلى الإدمان على شبكات التواصل لا يقوم بتعليمنا كيفية عقد صداقات عميقه؟ الإجابة في السبب الثالث وهو نفاذ الصبر.

3-نفاذ الصبر

نحن في حقيقة الامر نعيش في عصر السرعة! نعم عصر السرعة! أبناء جيل الالفية اعتادوا على الحصول على ما يريدون بكبسة زر واحده! تريد ان تشتري شيئاً؟ فقط قم بالدخول على موقع امازون واطلبه وسوف يصل في اليوم التالي! نت لا تحتاج للذهاب لأي مكان!

هل تريد ان تشاهد فيلماً؟ قم بالدخول على حسابك في نت فلكس وشاهده، انت لا تحتاج للتأكد من أوقات عرض الفلم!

هل تريد مصادقة او مواعدة شخص ما؟ لا حاجة لأي نوع من أنواع الارتباك، فقط اضغط على زر ارسال طلب صداقة وستصبح صديقاً لأحدهم!!

 لا تحتاج لأن تتعلم أي نوع من أنواع وأساليب التواصل الاجتماعي. كل شيء يأتيهم بشكل فوري متى ما ارادوه!

كل شيء ماعدا شيئين رئيسين لا يستطيع أبناء جيل الالفية الحصول عليهما بتلك السهولة وهما: الرضا الوظيفي وقوة وعمق علاقاتهم مع الآخرين. هذه الأشياء لا تكتسب بين ليلةً وضحاها، عملية اكتسابها هي عادتاً عملية بطيئة، متعرجة، وغير مريحة بتاتاً.

ولهذا، يميل أبناء جيل الالفية للمسارعة بالتفكير بتقديم استقالاتهم من عملهم بعد تخرجهم من الجامعة!

وعندما تسألهم عن السبب تتفاجأ بأن السبب هو انهم لا يرون انهم مؤثرين بالشكل اللازم! نعم، هم لا يرون انهم صانعوا تأثير وذلك بعد قضائهم لبضعة اشهر في عملهم الجديد!!

نستطيع تشبيه الامر ان أبناء جيل الألفية كما لو انهم يقفون اما جبل ضخم وكل ما يرون هو فقط قمة ذلك الجبل والذي هو بطبيعة الحال “التأثير” الذي يريدون ان يحدثوه على العالم، بينما هم لا يعيرون انتباهاً للجبل نفسه!

نعم، هناك من يصعد الجبال بشكل أسرع من الآخر، ولكن في نهاية المطاف هناك جبل!

الصبر هو ما يريد أبناء هذا الجيل تعلمه للتخلص من حاجتهم بشكل دائم لـ “الرضا الفوري”.

4-البيئة

ما يحدث عادتاً عند تخرج جيل الالفية من الجامعة، هو انه يتم وضعهم في بيئة عمل لا تهتم سوا بالأرقام!

مجموعة شركات ومؤسسات في القطاع الخاص لا تهتم سوا بالمحاصيل قريبة المدى بدلاً من اهتمامهم بتكوين هذا الانسان واعداده للمستقبل. الامر الذي لا يساعد هؤلاء الشبان بتاتاً في بناء ثقتهم بأنفسهم، وهو نفسه الامر الذي لا يعلمهم أهمية التعاون، ولا يعلمهم المتعة التي تأتي بعد الصبر والعمل لوقت طويل على مشروع ما.

المشكلة الأكبر حيال هذه النقطة ان اسوء ما قد يحدث ان أبناء جيل الالفية وبعد وضعهم في هذه البيئة اعتقادهم انها غلطتهم انهم غير قادرين على التعامل مع هذا المحيط. بينما في الواقع هي غلطة مدراء هذه الايام في المقام الأول الذين يعانون من نقص في مفاهيم أساسية في القيادة ببساطة!

ما اقصده هنا ان الوضع الذي عليه جيل الألفية هو نتيجة تراكمات كثيره وليست مسؤولية الشركات في المقام الأول، ولكن عندما تحط الرحال بأبناء جيل الالفية في شركات ما للعمل فيها بنهاية المطاف، فأنها تصبح مسؤوليتهم للعمل بشكل كبير لإعادة بناء ثقتهم، تطوير مهاراتهم للتواصل. الامر الذي يبدأ بخطوه مثل منع الهواتف الذكية من دخول قاعات الاجتماعات!

فعلى سبيل المثال،تخيل معي مجموعة موظفين جدد في شركة ما جالسين على طاولة الاجتماعات وينتظرون ابتداء اجتماع ما. الوضع الطبيعي هذه الأيام ان كل فرد منهم سيكون ممسكاً بهاتفه إلى اللحظة التي يبدأ فيها الاجتماع! الامر الذي يحرمهم من التواصل مع الآخرين وبناء علاقة طيبه معهم. هذه ليست الطريقة الصحيحة لبناء العلاقات!

دعونا نتخيل الوضع المثالي لغرفة اجتماعات خالية من الهواتف:

اثناء انتظار الموظفين  للاجتماع ..

احمد: خالد.. كيف حال الوالد .. سمعنا انه في المستشفى؟

خالد: لا ابشرك طلع.. حالياً في البيت وصحته طيبه.

احمد: الحمد لله على سلامته والله، ما يشوف شر ان شاء الله

خالد: الشر مايجيك يابعدي .. شكراً لسؤالك.

مثال آخر:

فهد: عبدالله.. وش صار على التقرير اللي طلبته منك

عبدالله: اوووه المعذره نسيته تماماً

فهد: لا ماعليك.. اقدر اساعدك فيه اذا ودك

عبدالله: جد؟ ماتقصر والله

ومع تراكم مثل هذه المواقف على المدى الطويل يتم بناء علاقات متينه. علاقة ثقة بين الزملاء.

هذه العلاقات المتينة لا يتم بناءها بيوم وليله .. بل هي سلسلة من الاحداث والتفاصيل الصغيرة التي تحدث مراراً وتكراراً.

تخيل كيف سيحرم البعض من بناء مثل هذه العلاقات في بيئة العمل عندما نقوم بالسماح لشيء مثل الهواتف الذكية في قاعة الاجتماعات!

هذا الامر الخاص بمنع الهواتف الذكية يمكن تطبيقه حتى مع اصدقائك او زوجتك!

اذا كنتم خارجين للعشاء، جربوا يوماً ان تتركوا هواتفكم بالمنزل!

فقط قوموا بأخذ هاتف واحد للطوارئ، مثل طلب اوبر .. او اخذ صوره لطبق العشاء !!

نحن لسنا أقوياء بما فيه الكفاية لنثق بأنفسنا في مواضيع مثل عدم الانشغال بالهاتف وترك من نحن معه، الامر الذي يشبه الإدمان على التدخين. كيف ستمنع مدخناً من التدخين وعلبة السجائر في جيبه!

الافكار ليس لها مجال للعبور لعقولنا عند انشغالنا بالهاتف، بل وان الهاتف يحرمنا حتى من النوم ليلاً طالما اننا نشحن هواتفنا بجانب السرير! وقم بشراء ساعة منبه في حال كان عذرك أنك تضبط المنبه في الهاتف!

في النهاية.. انها مسؤولية الجميع لإعادة بناء ثقة هذا الجيل، تعليمهم الصبر، بالإضافة إلى تطوير مهاراتهم الاجتماعية وإيجاد توازن أفضل بين الحياة والاستخدام المفرط للتقنية!

5 اكتوبر 2017/ الرياض

المرجع : جزء من مقابلة مع الكاتب Simon Sinek : هــنــا

الإعلان

نُشر بواسطة عبدالملك

محاضر، حاصل على درجة الماجستير في علوم الحاسب من جامعة George Washington

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: